شهد اليوم الأول من فعاليات الحدث البحري المصاحب لليوم البحري العالمي، الذي تستضيفه دولة الإمارات بمشاركة رفيعة المستوى من قادة القطاع البحري وخبراء المنظمات الدولية والأوساط الأكاديمية، انعقاد ثلاث جلسات نقاشية موسعة تناولت أبرز القضايا والتحديات التي تواجه المحيطات والقطاع البحري على المستويين الإقليمي والدولي. وتميزت هذه الجلسات بطرح رؤى متقدمة وحلول مبتكرة، عكست التزام المجتمع الدولي بتحقيق الاستدامة البحرية، ورسّخت دور الإمارات كمركز عالمي للحوار وصياغة الحلول العملية لمستقبل أكثر استدامة.
الجلسة الأولى: محيطنا.. التزامنا وفرصنا
ناقشت الجلسة الأولى، التي حملت عنوان "محيطنا.. التزامنا وفرصنا"، العلاقة الوثيقة بين صحة المحيطات وازدهار الإنسان وحماية البيئة وتحقيق النمو الاقتصادي، وذلك بمشاركة أرسينيو دومينغيز، الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية، والقبطان سيف المهيري، الرئيس التنفيذي لأبوظبي البحرية والرئيس التنفيذي للاستدامة في مجموعة موانئ أبوظبي، والسيد علي شهاب، المدير العالمي للمشاريع والخدمات الخاصة في شركة DNV.
وأكد المتحدثون أن حماية المحيطات لم تعد خياراً بل مسؤولية مشتركة، مشيرين إلى أن الاستثمارات في الاقتصاد الأزرق أصبحت ركيزة أساسية للنمو المستدام من خلال تطوير قطاعات حيوية تشمل الصيد البحري والسياحة والطاقة المتجددة. كما شددوا على أن تبني هذا التوجه يعزز القدرة التنافسية للدول، ويفتح آفاقًا أوسع للاستثمار في حلول مبتكرة تضمن صون الموارد البحرية للأجيال القادمة.
وتناول النقاش كذلك أهمية التثقيف البحري وإشراك الشباب كأداة محورية لبناء جيل واعٍ بقضايا البيئة البحرية وقادر على الابتكار، إضافةً إلى ضرورة تعزيز قنوات الاتصال الدولية وتبادل المعلومات لفهم التحديات ووضع أطر تنظيمية مرنة وعادلة. كما جرى تسليط الضوء على دور التقنيات الناشئة، مثل الرقمنة والذكاء الاصطناعي، في إعادة تشكيل مستقبل القطاع البحري، والتأكيد على تعزيز سلامة استخدام الوقود البحري البديل وتطوير برامج تدريب الكوادر العاملة في هذا القطاع.
الجلسة الثانية: إزالة الكربون والتغير المناخي
ركزت الجلسة الثانية من فعاليات الحدث المصاحب لليوم البحري العالمي 2025 على موضوع إزالة الكربون والتغير المناخي في القطاع البحري، بمشاركة كل من بيتر راوش، الأمين العام في منظمة Mission to Seafarers، والسيد علي شهاب، المدير العالمي للمشاريع والخدمات الخاصة في شركة DNV، والدكتورة المهندسة حنان كفورة، سفيرة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المرصد الوطني الإيطالي لحماية البحار وتغير المناخ، والسيد أوريول تيخيدو، المدير الإقليمي لجودة الهواء وتغير المناخ في شركة Ricardo PLC لمنطقة الشرق الأوسط، والقبطان عارف العوضي، مدير مركز المساعدة المتبادلة للطوارئ البحرية في مملكة البحرين.
وتطرقت الجلسة إلى التحديات التي يفرضها تغير المناخ على القطاع البحري في ظل الضغوط الدولية المتزايدة، مستعرضة إمكانات الوقود البحري البديل مثل الهيدروجين والأمونيا والميثانول والوقود الحيوي، وما يتطلبه من بنية تحتية وتشريعات ضامنة للسلامة. كما سلطت الضوء على تجارب الممرات الخضراء للشحن باعتبارها ممرات تجارية عديمة الانبعاثات، مؤكدة أهمية التعاون الدولي في توسيع نطاقها.
وناقش المشاركون آليات تسعير الكربون وأدوات التمويل المبتكرة للحد من الانبعاثات، إلى جانب تحديث الأساطيل القائمة من خلال أنظمة دفع متقدمة وتصاميم مبتكرة للهياكل البحرية. كما أشاروا إلى دور الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات في تحسين كفاءة الرحلات البحرية وخفض الانبعاثات، مؤكدين أن التحول الرقمي يمثل رافعة أساسية لنجاح استراتيجيات إزالة الكربون. واختُتمت الجلسة بالتشديد على ضرورة تعزيز التعاون الدولي وتبادل أفضل الممارسات، مع الدعوة إلى تطوير تشريعات وحوافز تدعم التحول الأخضر في القطاع البحري.
الجلسة الثالثة: مكافحة النفايات البلاستيكية من السفن
اختُتم اليوم الأول من فعاليات الحدث المصاحب لليوم البحري العالمي 2025 بجلسة نقاشية بعنوان "إجراءات للتصدي للنفايات البلاستيكية البحرية من السفن"، بمشاركة السيد ساسي براهكاران، مدير الأصول البحرية – قطاع الشحن والخدمات البحرية في مجموعة موانئ أبوظبي، والدكتور هاشم عبد الله بن سرحان الزعابي، مدير أكاديمية الشارقة البحرية، والسيد تيم كوفين، الرئيس التنفيذي لشركة Tristar Eships، والسيد إيمن بوناب، مستشارة في شركة Lloyd’s Register.
وركزت الجلسة على التحديات المتزايدة المرتبطة بالتلوث البلاستيكي البحري، الذي يشكّل تهديدًا مباشرًا للنظم البيئية والاقتصادات الساحلية. كما ناقشت أهمية الالتزام بأحكام اتفاقية ماربول – الملحق الخامس، والقرارات الدولية ذات الصلة، مع تقييم فعالية آليات التنفيذ والرقابة. واستعرض المشاركون أحدث التقنيات المبتكرة لإدارة النفايات على متن السفن، بما في ذلك أنظمة الفرز والضغط والتخزين، إلى جانب جاهزية مرافق استقبال النفايات في الموانئ العالمية وضرورة تعزيز قدراتها.
وشدد المتحدثون على أهمية تطبيق مبدأ المسؤولية الممتدة للمنتج في سلاسل التوريد البحرية، بما يشجع الشركات المصنعة على تقليل استخدام البلاستيك في التغليف، إضافة إلى تعزيز التقارير الدورية لقياس النفايات. كما أكدوا على دور تدريب الطواقم البحرية في رفع الوعي وتحويلها إلى خط دفاع أول ضد التلوث البلاستيكي. واختُتمت الجلسة بالتأكيد على أن قضايا مثل إزالة الكربون والتصدي للتلوث البلاستيكي أصبحت أولوية عالمية، وأن دولة الإمارات تواصل ترسيخ مكانتها كمنصة رائدة للحوار الدولي وصياغة السياسات والحلول التي تعزز استدامة المحيطات والقطاع البحري.